جلسة مفيدة لبعض المواقف التنموية المختلفة وبعد انتظام الأعضاء والجلوس فى اماكنهم روينا قصتان كانت الأولى بعنوان عشرون عاماً وانا ابحث عنك تحكي عن سنة 1920 أقامت نقابة الاطباء فى انجلترا حفل لتخريج دفعة من الاطباء الجدد . وقد شهد الحفل رئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الحين .وقام نقيب الاطباء أثناء الحفل بالقاء النصائح الواجبة لهولاء الخريجين الجدد… ,وروى لهم ما يلى :

قال: ” طرقت بابى بعد منتصف ليله عاصفة سيدة عجوز وقالت ” الحقنى يا دكتور طفلى وهو فى حالة خطيرة جداَ , أرجوك أن تفعل أى شىء لانقاذه .. فأسرعت غير مبال بالزوابع العاصفة والبرد الشديد والمطر الغزير وكان مسكنها فى ضواحى لندنوهناك وبعد رحلة شاقة وجدت منزلها الذى وصلنا اليه بصعوبة حيث تعيش فى غرفة صغيرة والطفل ابنها فى زاوية من هذه الغرفة يئن ويتألم بشدة .وبعد أن أديت واجبى نحو الطفل المريض ناولتنى الأم كيسا صغيرا به نقود , فرفضت أن آخذ هذا الكيس ورددته لها بلطف معتذراَ عن نوال أجرى , وتعهدت الطفل حتى من الله عليه بالشفاء .

 وتابع نقيب الاطباء كلامه قائلآ هذه هى مهنة الطب والطبيب إنها أقرب المهن إالى الرحمة بل ومن أقرب المهن الى الله….وما كاد نقيب الاطباء ينهى كلامه حتى قفزرئيس الوزراء من مقعده واتجه الى منصة الخطابة قائلاَ:”إسمح لى يا سيدى النقيب أن أقبل يدك!! “منذ عشرين عاما وأنا أبحث عنك فأنا ذلك الطفل الذى ذكرته فى حديثك الان …آه فلتسعد أمى الآن وتهنأ فقد كانت وصيتها الوحيدة لى هى أن اعثر عليك لإكافئك بامر ما أحسنت به علينا فى فقرنا ….أما الطفل الفقير الذى أصبح رئيس وزراء انجلترا فكان ” لويد جورج”.اننا لابد ان نحصد ما زرعناه ولو بعد أيام كثيرة خيراَ كان أم شرا وليعطينا الرب ان نصنع رحمة طول أيام حياتنالأنه خيرا ما يزرعه الانسان إياه يحصد…لويد جورج

Photo1107

اما القصة الأخرى كانت عن صنع المعروف لا يضيع أبدًا هذه القصة الحقيقية دارت في اسكتلندا ،حيث كان يعيش فلاح فقير يدعى فلمنج ..كان يعاني من ضيق ذات اليد والفقر المدقع ،لم يكن يشكو أو يتذمر لكنه كان خائفـًا على ابنه ، فلذة كبده ،..فهو قد استطاع تحمل شظف العيش ولكن ماذا عن ابنه ؟

وهو مازال صغيرًا والحياة ليست لعبة سهلة ، إنها محفوفة بالمخاطر ،..كيف سيعيش في عالم لا يؤمن سوى بقوة المادة ؟
ذات يوم وبينما يتجول فلمنج في أحد المراعي ، سمع صوت كلب ينبح نباحًا مستمرًا ، فذهب فلمنج بسرعة ناحية الكلب حيث وجد طفلاً يغوص في بركة من الوحل وعلى محياه الرقيق ترتسم أعتى علامات الرعب والفزع ، يصرخ بصوت غير مسموع من هول الرعب. ولم يفكر فلمنج ، بل قفز بملابسه في بحيرة الوحل ، أمسك بالصبي ، أخرجه ، أنقذ حياته.
وفي اليوم التالي ، جاء رجل تبدو عليه علامات النعمة والثراء في عربة مزركشة تجرها خيول مطهمة ومعه حارسان ،
اندهش فلمنج من زيارة هذا اللورد الثري له في بيته الحقير ،هنا أدرك إنه والد الصبي الذي أنقذه فلمنج من الموت. قال اللورد الثري
( لو ظللت أشكرك طوال حياتي ، فلن أوفي لك حقك ، أنا مدين لك بحياة ابني ، اطلب ما شئت من أموال أو مجوهرات أو ما يقر عينك )
أجاب فلمنج ( سيدي اللورد ، أنا لم أفعل سوى ما يمليه عليّ ضميري ، و أي فلاح مثلي كان سيفعل مثلما فعلت ، فابنك هذا مثل ابني والموقف الذي تعرض له كان من الممكن أن يتعرض له ابني أيضا ).
أجاب اللورد الثري ( حسنـًا ، طالما تعتبر ابني مثل ابنك ، فأنا سأخذ ابنك وأتولى مصاريف تعليمه حتى يصير رجلاً متعلمًا نافعًا لبلاده وقومه). لم يصدق فلمنج ، طار من السعادة ، أخيرًا سيتعلم ابنه في مدارس العظماء ، وبالفعل تخرج فلمنج الصغير من مدرسة سانت ماري للعلوم الطبية ، وأصبح الصبي الصغير رجلاً متعلمًا بل عالمًا كبيرًا ..
نعم ؛ فذاك الصبي هو نفسه سير ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين penicillin في عام 1929 ،أول مضاد حيوي عرفته البشرية على الإطلاق ،ويعود له الفضل بعد الله في القضاء على معظم الأمراض
كما حصل ألكسندر فلمنج على جائزة نوبل في عام 1945. لم تنته تلك القصة الجميلة هكذا بل حينما مرض ابن اللورد الثري بالتهاب رئوي ،كان البنسلين هو الذي أنقذ حياته ،
نعم مجموعة من المصادفات الغريبة ، لكن انتظر المفاجأة الأكبر ، فذاك الصبي ابن الرجل الثري ( الذي أنقذ فلمنج الأب حياته مرة وأنقذ ألكسندر فلمنج الابن حياته مرة ثانية بفضل البنسلين ) رجل شهير للغاية ،فالثري يدعى اللورد راندولف تشرشل ، وابنه يدعى ونستون تشرشل ،أعظم رئيس وزراء بريطاني على مر العصور ، الرجل العظيم الذي قاد الحرب ضد هتلر النازي أيام الحرب العالمية الثانية
( 1939 ــ 1945 ) ويعود له الفضل بعد الله في انتصار قوات الحلفاء (انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ) على قوات المحور ( ألمانيا واليابان ).
هذه الحكاية العجيبة بدأت بفلاح اسكتلندي بسيط فقير أنقذ طفلاً صغيرًا ،فعلا عملاالخير لا ينتهي أبدًا .

اترك رد